في بداية كل ورقة عمل مهما كان حجمها يقتضي تحديد الكلمات الدالة التي تؤكد على مضمون سياق الشرح،لذا لا بُد لنا من تعريف معنى المصلحة العليا ودورها في نطاق التشريع،وكيف يتعامل معها القاضي – لاسيما الدستوري – من خلال تفسيره للقوانين. حيث نرى انه من الأجدى الأخذ بالتعريف الوارد في القواميس القانونية،كونها تُعطي المعنى القانوني الصرف،ولذلك أستعنت بالقاموس الفرنسي،الذي عر َف المصلحة العليا أي ) العامة ( بالاتي: “Intérêt public général: ce qui est pour le bien public ȧ 1 l’avantage de tous. أي:”المصلحة العامة:تعني ما هو للصالح العام،هو لمصلحة الجميع”. إن هذا التعريف القانوني،يُستخلص منه أن المصلحة العامة هي بالأساس لمصلحة الجميع،وبالتالي على القاضي الدستوري أن ينطلق من هذا التعريف القانوني،لمنع أي إنحراف في إعتماد المصلحة العليا من خلال قوانين المشرع.
لا شك ان الواقع الدستوري يشير إلى القواعد والأنظمة التي تحكم الدولة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي تكون مكتوبة في الدستور. يتضمن الدستور المبادئ الأساسية للحكم والحقوق والحريات الأساسية للمواطنين. والواقع السياسي، من ناحية أخرى، يشير إلى كيفية تطبيق هذه القواعد والأنظمة في الحياة اليومية. ولطالما كان هناك فجوة بين الواقع الدستوري والواقع السياسي، حيث قد لا يتم تطبيق القواعد والأنظمة المكتوبة في الدستور بالطريقة التي كانت مقصودة, او انه هذه الفجوة يحدثها التقص الفطري في التشريع المكتوب، حيث لا يمكن ان تكون التشريعات مهما بذل المشرع من جهد, كاملة وشاملة للواقع الحالي وتحتوي على حلول لما يحدث في المستقبل ذلك ان من طبيعة الحياة وسنتها التطور والتغير والتبدل, وقد ينهض العرف الدستوري لملئ الفراغ بين الواقع الدستوري والسياسي او اللجوء للتفسير الدستوري من الجهة التي تملك هذه السلطة
ازداد الاهتمام بالسلم المجتمعي بعد تزايد حدة الصراعات والأزمات السياسية في العديد من الدول لاسيما في الدول الاتحادية (الفدرالية) ومنها العراق ، حيث يتزايد حدة الصراع بين مستويات الحكم المختلفة ، لذا عمدت الدول إلى إيجاد آليات ودعامات أساسية لحفظ السلم المجتمعي وحل النزاعات ذات الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تهدد بنية النظام السياسي وكيان الدولة الاتحادي برمته. ولعل من أهم هذه الدعامات هي المحاكم الدستورية (الاتحادية) التي تنص عليها معظم دساتير هذه الدول وتمنحها الاستقلال الكامل في مواجهة السلطات العامة كافة ، وتعهد لها من الاختصاصات ما يمكنها من لعب الدور المحوري في استقرار الأوضاع في المجتمع وتسوية المنازعات الناشئة عن ممارسة السلطات الاتحادية والإقليمية لنشاطها في غير الحدود المرسومة لها دستوريا ، ولعل من أهم هذه الاختصاصات هي الرقابة على دستورية القوانين الاتحادية والإقليمية ، وتفسير أحكام الدستور الاتحادي
تستند فكرة القصور التشريعي إلى عدم كفاية النصوص القانونية لمعالجة وتغطية الموضوعات محل التنظيم بصورة متكاملة مما يؤدي الى عدم ملائمة النص القانوني للحياة الاجتماعية والسياسية السائدة وقت تطبيقه، بمعنى آخر عدم تضمن النص القانوني لما تقوم إليه الحاجة من أحكام تفصيلية أو جزئية. وبذلك يختلف القصور التشريعي عن الاغفال التشريعي الذي يعني عدم صدور التشريع أصلاً نتيجة احجام البرلمان عن ممارسة سلطته التشريعية، أو فشل البرلمان في ممارسة تلك السلطة. وهكذا يتجلى القصور التشريعي في اهمال المشرع تنظيم جانب من الجوانب الموضوعية أو الاجرائية لمسألة معينة مما يؤدي الى الحد من فاعلية النص القانوني من جهة، وعدم تفعيل النص الدستوري من جهة أخرى، فعندما يتناول المشرع أحد الموضوعات التي يختص بتنظيمها ويأتي هذا التنظيم غير مكتمل نتيجة عمد أو اهمال أو قصور عن الاحاطة بكافة جوانبه بما يؤدي الى الإخلال بالضمانة الدستورية
عالج النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم (1) لسنة 2022 مسألة (المصلحة العليا) وذلك بمناسبة الحديث عن عدول المحكمة عن القرارات السابقة الصادرة منها. وعلى الرغم من عدم وضوح هذا المصطلح أو تحديده بدقة ووضوح، كونه من المعايير الفضفاضة والمستحدثة في قضاء المحكمة الاتحادية العليا، وفي ظل عدم وجود ضوابط أو محددات للمصلحة العليا فإنه نرى وجوب فهم المصلحة العليا بالاتجاهين الاتيين:
الاتجاه الأول: تفسير المصلحة العليا بانها (المصلحة العليا للوطن).
الاتجاه الثاني: تفسير المصلحة العليا بأنها (المصلحة العليا للمواطن).
ان المعنى الحقيقي من ارتباط العدول بمبدأ الامن القانوني، هو ضرورة التزام القاضي الدستوري بتحقيق أكبر قدر من الثبات في استقرار المراكز القانونية عند اصدار للحكم ، والهدف من ذلك اشاعة الأمن والطمانينة، حتى يستطيع اي شخص ان يتصرف باطمئنان في ضوء الاحكام والتشريعات النافذة المطبقة في حينها وترتيب اوضاعهم عليها ، فضلاً عن ذلك ان الاحكام الدستورية تحوز على الحجية المطلقة في مواجهة الكافة، لا حجية نسبية يقتصر اثرها على اطراف الدعوى ، وان عدم اسباغ وذهب رأي من الفقه الى ان الحكم الصادر من المحكمة العليا والقاضي بعدم دستورية نص ما، لا يحوز سوى الحجية النسبية، والسبب في ذلك ان المحكمة قد تعدل عن حكمها السابق إذا ما تغيرت الظروف. وفيما يذهب الرأي الثاني الى تركيزه على اهمية المحاكم العليا في النظام القضائي الأمريكي، ويقر بضرورة احترام المحاكم الدنيا
ينجم الاغفال التشريعي عن سلوك ايجابي او سلبي للمشرع عند ممارستة لاخصاصه التشريعي ، ويتمثل السلوك الايجابي بأن تتجه ارادة ونية المشرع الى تنظيم موضوع اوحق من الحقوق المنصوص عليها في الدستور ، الا ان هذا التنظيم يأتي قاصراً او منقوصاً عن (عمد او اهمال) مما يخل بضمانات الموضوع او الحق محل التنظيم ، اما الاغفال التشريعي المتأتي من السلوك السلبي للمشرع فيمثل بامتناع المشرع بأرادته بصورة صريحة عن تنظيم موضوع او حق او مسألة معينة الزمه الدستور بتنظيمها ، فنها يكون المشرع ملزماً بالتظيم بموجب نص امر وارد بالدستور ، وان الامتناع يمثل مخالفة للنص الدستوري او ارادة المشرع الدستوري ، وهنا تنهض مسؤولية السلطة التشريعية ويكون البرلمان محل للادانه لامتناعه عن ممارسة اختصاصه التشريعي بنص امر في الدستور.
دور قرارات المحكمة الإتحادية العليا في تحقيق التوازن بين النص الدستوري والواقع السياسي. ويعد الحديث عن القضاء عموما والمحكمة الإتحادية العليا ( القضاء الدستوري ) خصوصا مشوقا ومهما لإن القضاء عنوان كبير ورئيس في بلوغ العدالة ،وحيث به تفض النزاعات والخصومات الحاصلة بين الأفراد والجماعات والمؤسسات ،ويلعب دورا جوهريا في إستقرار الأنظمة السياسية لما تسالم عليه مواطنوا الدول ،لأنه يحقق الضمانة لممارسة حقوقهم وحماية حرياتهم خاصة عندما يلتزم القضاء بالمعايير والمبادئ العادلة ،وأما إذا خالف التشريعات والمبادئ العامة والضمانات التي تكفل تحقيق العدالة ،وعارض أحكام الشريعة الإسلامية في الدول التي يسكنها الغالبية من المسلمين فسيكون عامل رئيسيا في غياب العدالة بين الناس والمؤسسات. ونحن في العراق حاليا بفضل الله تعالى وجهود أبناءه المخلصين نعيش حالة من الإستقرار السياسي والإجتماعي والإقتصادي وحالة من التطور والتنمية ،وكان للقضاء العراقي العادل عموما
تتمتع قرارات المحكمة الاتحادية العليا بصفتي البتات والالزام تجاه السلطات كافة طبقا لنص المادة (٩٤) م ٢، وعلى الرغم من أهمية هاتين الصفتين في تنفيذ قرارات المحكمة الاتحادية دستور جمهورية العراق لعام 2005 العليا، وانفاذها عمليا، إلا أن الواقع يؤشر عدم التزام مجلس النواب ببعض قرارات المحكمة الاتحادية العليا بما ينعكس بشكل سلبي على الصفتين المتقدمتين. وعن طريق استقراء ممارسات مجلس النواب فإن من بين حالات عدم الالتزام بقرارات المحكمة الاتحادية العليا هي: إصرار مجلس النواب – لأسباب مختلفة – على اعتماد أحكام قانونية مشابهة، أو مماثلة لنصوص قانونية سبق للمحكمة الاتحادية العليا الحكم بعدم دستوريتها، أو تبني حلول قانونية تتضمن مخالفات دستورية أكثر مما في سابقاتها، وقد يكون أيضا بإعادة تشريع نص قانوني على نحو يحمل معه المخالفات الدستورية التي لحقت النص السابق، أو بعضها، وليس أخيرا عدم إعمال مجلس النواب
بعد الحرب العالمية الثانية وهزيمة النازية تم تأسيس دولة المانيا الاتحادية على اسس ديمقراطية حديثة بموجب القانون الاساسي لسنة 1949 وتم بموجبة انشاء المحكمة الدستورية الاتحادية وقد نص الدستور على مهام وصلاحيات المحكمة وكيفية تشكيلها ,في المواد )94-92 (كما تم سن قانون لنظيم عمل المحكمة ولم تباشر المحكمة عملها الا بعد عامين حين اصدرت اول حكم لها في 9ايلول1951 اختصاصات المحكمة تشبة المحكمة الدستورية الالمانية الى حد ما اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا في العراق فهي تفسر القانون الاساسي وتبت في دستورية القوانين وتفصل في النزاعات بين الاتحاد والولايات ماعدا بعض الاختصاصات المختلفة منها النظر في مشروعية تأسيس الاحزاب السياسية الجديدة وحول شروط حالة الضرورة وفقا للمادة 93 من القانون الاساسي لسنة 1949 التي بينت اختصاصات المحكمة.الدستورية تشكيل المحكمة تتالف المحكمة من هيئتين كل هيئة كل واحدة منها تضم ثمانية قضاة